Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - LA  - PT ]

البابافرنسيس

دستور رسولي

البحث عن وجه الله

حول الحياة التأملية النسائية

 

1.    يجتاز البحث عن وجه الله (VULTUM DEI QUAERERE) تاريخ الإنسانية المدعوة منذ الأزل إلى حوار محبة مع الخالق[1]. للرجل والمرأة، في الواقع، بُعدٌ ديني يتعذّر إلغاؤه، يوجّه قلبهم نحو البحث عن المطلق، نحو الله، الذي يشعرون -عن غير وعي أحيانًا- بالحاجة إليه. وهذا البحث يجمع بين الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة. وحتى الكثير من الذين يعلونون أنهم غير مؤمنين يعترفون بتوقِ القلب العميق هذا، الذي يسكن ويحرّك كلّ رجل وكلّ امرأة يرغبان في السعادة وفي الملء، مُتَيَّمون، لا يرتوون من الفرح.

لقد عبّر عنه القديس أغسطينوس في الاعترافات بشكل فعال: "لقد صنعتنا لك وقلبنا لن يهدأ حتى يرتاح فيك"[2]. إنه قلق القلب الذي يأتي من الحدس العميق أن الله هو المبادر الأول في البحث عن الإنسان، ويجذبه إليه بطريقة سرية.

تثبت ديناميكية البحث أنه ما من أحد يكفي ذاته؛ بل إنها تفرض السير، في ضوء الإيمان، للخروج من الـ "أنا" المنطوي على ذاته، بانجذابٍ نحو وجه الله القدوس، وفي الوقت عينه، نحو "الأرض المقدسة التي هي الآخر"[3]، بغية اختبار شركة أعمق.

هذا الحج للبحث عن الإله الحقيقي، الذي هو سمة كل مسيحي وكل مكرس بقوة المعمودية، يصبح، بفعل الروح القدس، اتِّباعا للمسيح عن كثب، ومسيرةَ تطابقٍ مع المسيح الرب، يعرب عنها بفعالية فريدة التكرس الديني، وعلى وجه التحديد، الحياة الرهبانية، التي تعتبر منذ البداية كطريقة خاصة لعيش المعمودية.

2.    الأشخاص المكرسون، الذين، بتكريسهم، "يتبعون الرب بطريقة خاصة، بطريقة نبوية"[4]، هم مدعوون لأن يكتشفوا علامات وجود الله في الحياة اليومية، ويصبحوا محاورين حكماء قادرين على إدراك الأسئلة التي يطرحها علينا الله والإنسانية. التحدي الكبير لكل مكرس ومكرسة هو القدرة على الاستمرار في البحث عن الله "بأعين الإيمان، في عالم يتجاهل وجوده"[5] عبر إعادة اقتراح حياة يسوع العفيفة والفقيرة والمطيعة، على رجال ونساء اليوم، كعلامة قابلة للتصديق وموثوق بها، مصبحين بهذه الطريقة[6] "تفسيرًا حيًّا لكلمة الله".

منذ نشأة حياة التكرس الخاص في الكنيسة، عاش رجال ونساء، مدعوّون من الله وهائمون به، حياتهم بكاملها وهم موجهون نحو البحث عن وجهه، وراغبون في إيجاد الله والتأمل به في وسط العالم. حضور جماعات قائمة كمدينة على جبل وكالسراج على المنارة (را. متى 5، 14- 15)، حتى في بساطة حياتهم، تمثل بشكل مرئي الهدف الذي تسير نحوه كل الجماعة الكنسية التي "تتقدم في طرق الزمن، ونظرُها يحدق بعمل المسيح المستقبلي الذي سوف يجمع تحت رأسه كل شيء"[7]، معلنين مسبقا بهذه الطريقة المجد السماوي[8].

3.    إن ما تردد صدى كلمات بطرس لدى جميع المكرسين بشكل خاص: "يا ربّ، حَسَنٌ أَن نكونَ ههُنا!" (متى 17، 4)، فالأشخاص التأمليون، الذين، بشركة عميقة مع سائر دعوات الحياة المسيحية، "يكونون انعكاسًا لأشعة نور المسيح الوحيد على وجه الكنيسة"[9]. "بفعل الكاريزما الخاصة يكرسون وقتا كثيرا من النهار للاقتداء بأم الله، التي كانت تتأمل بمواظبة كلمات الابن وأعماله (را. لو 2، 19. 51)، ومريم من بيت عنيا، التي، وقد جلست عند قدمي الرب، كانت تصغي إلى كلمته" (را. لو 10، 38)[10]. إن حياتهم "المُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله" تصبح هكذا صورة الحب غير المشروط لله، التأملي الأول. وتدل على أن محور حياتهم بأسرها هو المسيح لدرجة أنهم يستطيعون القول مع الرسول: "الحَياةُ عِندي هي المسيح!" (فل 1، 21)، وتعبر عن الطابع الشمولي الذي يكوّن الديناميكية العميقة للدعوة إلى الحياة التأملية[11].    

إن التأمليين، كونهم رجالا ونساء يسكنون التاريخ البشري، هم منجذبين نحو بهاء المسيح، "أَجمَلُ بني آدم" (مز 45، 3)، هم في قلب الكنيسة والعالم[12] ويجدّون في البحث الذي لم ينته بعد عن الله، العلامة الرئيسية والمعيار لأصالة حياتهم المكرسة. وقد شدد القديس بندكتس، أب الحياة الرهبانية الغربية، على أن الراهب هو من يبحث عن الله طيلة حياته، وطلب التأكد من أن الذي يطمح إلى الحياة الرهبانية يبحث حقا عن الله[13].

بشكل خاص، قد وجه وما زال يوجه عدد لا يحصى من النساء المكرسات، على مر القرون وحتى يومنا هذا، "حياتهن بأكملها وكل نشاطهن نحو التأمل في الله"[14] كعلامة ونبوة للكنيسة العذراء والزوجة والأم؛ كعلامة حية وذكرى للأمانة التي يستمر الله بها في دعم شعبه، عبر أحداث التاريخ.

4.    الحياة الرهبانية، وهي عنصر من عناصر الوحدة مع الطوائف المسيحية الأخرى[15]، تظهر في أسلوبها الخاص الذي هو نبوة وعلامة، والذي "يستطيع وينبغي أن يلهم جميع أعضاء الكنيسة بفعالية على تميم واجبات الدعوة المسيحية بعزم"[16]. والجماعات المصلية، وخصوصا جماعات الحياة التأملية، "التي في طريقة انفصالها عن العالم، تتحد بطريقة أوثق بالمسيح، قلب العالم"[17]، لا تقترح تحقيقا أكمل للإنجيل، إنما، بتنفيذها متطلبات المعمودية، تشكل ركن تمييز ودعوة لخدمة الكنيسة بأسرها: علامة تدل على طريق، وبحث، وتذكّر الشعب كله بالمعنى الأول والأخير لما يعيشه[18].

تقدير، تسبيح وشكر

للحياة المكرسة والحياة الرهبانية التأملية

5.    لقد أظهرت الكنيسة منذ العصور الأولى احترامًا كبيرًا وحبًا صادقًا تجاه الرجال والنساء الذين، طاعة لدعوة الآب ولإلهام الروح القدس، اختاروا أن يتبعوا يسوع "عن كثب"[19]، ليكرسوا له أنفسهم بقلب غير منقسم (را. 1 قور 7، 34). إنهم مدعوون، وقد دفعهم حبهم غير المشروط للمسيح وللإنسانية، ولا سيما للفقراء وللمتألمين، إلى الاقتداء، عبر أشكال مختلفة -عذارى مكرسات، وأرامل، ونساك، ورهبان- بحياة المسيح: العفة والفقر والطاعة[20].     

قد تجذّرت الحياة التأملية الرهبانية، وهي نسائية في غالبيتها، في صمت الدير وأعطت ثمارًا ثمينة من النعمة والرحمة. قد مثّلت الحياة التأملية النسائية في الكنيسة وللكنيسة القلبَ المصلي، والحارسَ للمجانية ولخصوبة رسولية غنية، وقد كانت شاهد عيان لقداسةٍ سريةٍ ومتعددة الأشكال[21].

ثم تم الانتقال سريعًا من الاختبار الفردي المبدئي للعذارى المكرسات للمسيح، والذي أتى كثمرة عفوية لمتطلبات الرد على محبة المسيح-العريس بالمحبة، إلى حالة محددة وإلى رهبنة معترف بها من قبل الكنيسة، والتي بدأت تقبل نذر العفة المعلن جهرًا. ومع مرور الزمن، اجتمع القسم الأكبر من العذارى المكرسات، وأَنشأن الحياة الجماعية، التي سهرت الكنيسة، بغيرتها، على الحفاظ عليها بواسطة نظام مناسب، والذي بموجبه تم إقرار الدير كحصن لحماية للروح التأملية ولغايته التأملية البحتة التي كانت تقترحها هذه الجماعات. مع الزمن إذا، من خلال تضافر الجهود بين عمل الروح الذي يعمل في قلوب المؤمنين ويقيم على الدوام أشكالا جديدة للتلمذة، وعبر الرعاية الكنيسة الأمومية والمشجعة، نشأت أشكال الحياة التأملية والتأملية البحتة[22]، كما نعرفها اليوم. وبينما الروح التأملي في الغرب تفرع في العديد من الكاريزما، فقد حافظ في الشرق على وحدة كبيرة[23]، مقدمًا دائما وفي كل الأشكال، شهادةً على غنى وجمال الحياة المكرسة بكاملها لله.

قد ولّدت خبرة هؤلاء الأخوات، المركزة حول الرب، الحب الأول والوحيد، على مر القرون، ثمارًا وفيرةً من القداسة والرسالة. كم من الفعالية الرسولية تشع من الأديرة من خلال الصلاة والتقدمة! كم من الفرح والنبوة يصرخ صمت الأديرة إلى العالم!

إننا نرفع نشيد الشكر "كن مسبحا"[24] "للعلي، القدير والرب الصالح"، من أجل ثمار القداسة والنعمة التي أقامها الرب منذ الأزل عبر الحياة الرهبانية النسائية.

6.   أيتها الأخوات التأمليات العزيزات، ماذا تصنع من دونكن الكنيسة وجميع أولئك الذين يعيشون في ضواحي الإنسانية والذين يعملون في طليعة التبشير؟ إن الكنيسة تقدر جدا حياتكن المعطاء بكاملها. الكنيسة تتكل على صلاتكن وعلى تقدمتكن كي تحمل بشارة الإنجيل إلى رجال ونساء عصرنا هذا. الكنيسة بحاجة إليكم!
ليس من السهل أن يفهم هذا العالم -على الأقل في جزئه الأكبر الذي يطيع منطق القوة والاقتصاد والاستهلاك- دعوتَكن الخاصة ورسالتَكن الخفية، ومع ذلك فإنه بحاجة كبيرة إليها. فكما أن البحّار في عرض البحر يحتاج إلى المنارة لتدله على الطريق المؤدي إلى الميناء، هكذا العالم هو بحاجة إليكنّ. كنَّ منارات، للقريبين وبالأخص للبعيدين. كنَّ مشاعل ترافق مسيرة الرجال والنساء في ليل الزمن المظلم. كنَّ حراس الصباح (را. أش 21، 11- 12) الذين يعلنون شروق الشمس (را. لو 1، 78). عبر حياتكن المتجلية والكلمات البسيطة، "المجترة" بصمت، ودِلَنَّنا على من هو الطريق والحق والحياة (را. يو 14، 6)، الرب الوحيد الذي يهب الملء لحياتنا ويعطي الحياة بفيض (را. يو 10، 10). اهتفنَّ لنا مثلما فعل أندراوس لبطرس: "لقد وجدنا الرب" (را. يو 1، 40)؛ بشّرنَّ، مثل مريم المجدلية صباح يوم القيامة: "لقد رأيت الرب!" (يو 20، 18). أبقن حيةً نبوةَ حياتكم المبذولة. لا تخافن من أن تعيشن فرح الحياة الإنجيلية وفقا للكاريزما الخاصة بكن.

 

مرافقة الكنيسة وإرشادها

7.    لقد أولى التعليم المجمعي والبابوي دائما رعاية خاصة بجميع أشكال الحياة المكرسة من خلال مساهمات هامة. ومن بينها وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني الكبيرة التي تستحق اهتماما خاصا: الدستور العقائدي حول الكنيسة  نور الأمم والمرسوم حول تجديد الحياة الرهبانية  المحبة الكاملة.

الأول يضع الحياة المكرسة داخل لاهوت شعب الله، الذي تنتمي إليه تماما، بفعل الدعوة المشتركة إلى القداسة وجذورها في التكريس الذي نناله في المعمودية[25]. والثاني يطلب من المكرسين تجديدًا يتناسب وتغيير الأوضاع الزمنية، عارضًا المعايير الأساسية لهذا التغيير: الأمانة للمسيح وللإنجيل وللكاريزما الخاصة وللكنيسة ولإنسان اليوم[26].

لا يمكننا أن ننسى الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة، لسلفي القديس يوحنا بولس الثاني. تحتوي هذه الوثيقة، التي تجمّع ثروة سينودس الأساقفة حول الحياة المكرسة، على عناصر لا تزال صلحة جدا لمتابعة تجديد الحياة المكرسة ولتقوية معناها الإنجيلي في زمننا هذا (را. بالأخص الرقمين 59 و68).

ولا يمكننا أن ننسى الوثائق التالية –والتي تؤكد على المرافقة الثابتة والمفيدة التي حظيت بها حياتكن التأملية- الوثائق التالية:

- المبادئ التوجيهيةالصادرة عن مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية (CIVCSVA) PotissimumInstitutioni، 2 فبراير/شباط 1990، والتي قد كرست فقرات طويلة بكاملها إلى شكل الحياة المكرسة الخاصة بكن والتي هي تأملية على وجه الخصوص (الفصل الرابع، 78- 85).

- الوثيقة Sviluppi، وهي عمل مشترك بين عدة مجامع حبرية، في 6 يناير/كانون الثاني عام 1992 والتي تكشف مشكلة النقص في الدعوات للحياة المكرسة بشكل عام، ولا ىسيما في دعوتكن الخاصة (عدد 8).

- التعليم الديني للكنيسة الكاثوليكية، الذي صدر مع الدستور الرسولي وديعة الإيمان في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1992، والذي هو مهم للغاية حتى يُعرِّفَ ويفهّم جميع المؤمنين بطريقة عيشكن الخاصة: ولا سيما الأرقام 915- 933 المكرسة للأشكال المختلفة؛ والرقم 1672 حول تكريسكن غير الأسراري وحول بركة رؤساء ورئيسات الأديرة؛ الرقم 1974 مع الرقم 2102 حول العلاقة بين الوصايا العشر ونذر المشورات الإنجيلية؛ الرقم 2518 الذي يقدم الرباط الوثيق بين نقاوة القلب التي تعلنها التطويبة السادسة، التي تكفل رؤية الله، وحب الحقائق الإيمانية؛ الرقم 1691 والرقم 2687 اللذان يشيدان بالشفاعة المستمرة التي تُرفع لله في الأديرة التأملية، التي هي أماكن لا بديل عنها للتنسيق بين الصلاة الشخصية والصلاة المشتركة؛ والرقم 2715 الذي يحدد فعلَ الإبقاءِ على النظر محدقا بيسوع وبأسرار حياته وبخدمته، كميزة خاصة بالحياة التأملية.

- التعليم Congregavit nosالصادر عن ال CIVCSVAفي 2 فبراير/ شباط 1994، الذي يربط، في الرقمين 10 و34، بين الصمت والوحدة، مع المتطلبات العميقة لحياة أخوية جماعية، ويشدد على الاتساق بين الانفصال عن العالم والجو التأملي اليومي.

- التعليم عروس الكلمة، الكنيسة، الصادر عن ال CIVCSVAفي 13 مايو / أيار 1999 الذي يعرض، في المواد 1- 8، ملخصا تاريخيا-منهجيا جميلا عن مجمل التعليم السابق حول الحس الرسولي الأخروي الخاص بحياة الراهبات التأمليات المحصنات.

- أخيرًا، التعليم البدء من جديد انطلاقًا من المسيح الصادر عن ال CIVCSVAفي 19 مايو/أيار 2002، الذي يدعو بقوة كبيرة إلى التأمل دوما في وجه المسيح؛ ويقدم الرهبان والراهبات في قمة التسبيح المرَتَّل والصلاة الصامتة في الكنيسة (رقم 25)، وفي الوقت عينه، يشيد بهم لأنهم أعطوا الأفضلية إلى ليتورجيا الساعات والقداس الإلهي ووضعوهما في مركز الاهتمام (نفس المرجع).

8.    على مسافة خمسين سنة من المجمع الفاتيكاني الثاني، وبعد إجراء المشاورات اللازمة وتمييز دقيق، وَجَدتُ أنه من الضروري أن أقدّم للكنيسة، بإشارة خاصة إلى الأديرة التابعة للطقس اللاتيني، هذا الدستور الرسولي، الذي أخذ في الاعتبار على حدٍ سواء المسيرة المكثفة والمثمرة التي قامت بها الكنيسة نفسها على مدى العقود الماضية، في ضوء تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني، والظروف الاجتماعية-الثقافية المتغيرة. وقد شهدت هذه الفترة تقدما سريعا في تاريخ البشرية: من المناسب أن ننسج حوارا معه ولكن بشرط الحفاظ على القيم الأساسية التي عليها تأسست الحياة التأملية التي، من خلال متطلبات الصمت، والإصغاء، والدعوة إلى التأمل، والاستقرار، يمكنها ويجب عليها أن تشكل تحديا لعقلية اليوم.

أود أن أؤكد، من خلال هذه الوثيقة، تقديري الشخصي، المقرون بامتنان الكنيسة بأسرها، على الطريقة الخاصة في اتباع المسيح، التي تبنتها الراهبات في حياتهن التأملية، والتي تشكل للعديد منهن حياة تأملية بالكامل، هبة لا تقدر بثمن ولا يمكن التخلي عنها، والتي لا يزال الروح القدس يفيضها في الكنيسة.
وبالقدر الذي سيكون فيه الأمر ضروريًّا أو مناسبًا سيقوم مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية بدراسة القضايا وإبرام الاتفاقيات مع مجمع تبشير الشعوب ومجمع الكنائس الشرقية.

 

العناصر الأساسية للحياة التأملية

 

9.    بقيت الحياة التأملية حيّة على الدوام في الكنيسة، منذ القرون الأولى وحتى أيامنا هذه، وقد تتالت فيها فترات من القوة الكبيرة وأخرى من الانحطاط، بفضل حضور الرب الثابت، وقدرة الكنيسة نفسها على التجدد وعلى التأقلم مع أجواء المجتمع: لقد أبقت على البحث عن وجه الله حيا على الدوام كما وعلى محبة المسيح غير المشروطة، وهي العنصر الخاص بها وما يميزها.

إن الحياة المكرسة هي قصة عشق بالرب وبالإنسانية: وهذه القصة تجري أحداثها في الحياة التأملية، يوما بعد يوم، عبر بحثٍ متوقّد عن وجه الله، في العلاقة الحميمة معه. أنتن أيتها النساء التأمليات تُجِبن المسيح الرب، الذي "أحبنا قبل أن نحبه" (1 يو 4، 19) "وجاد بنفسه لأجلنا" (أف 5، 2)، بتقدمة حياتكن بكاملها، وتعشن به ومن أجله، "للتسبيح بمجده" (أف 1، 12). إنكن، في ديناميكية التأمل هذه، صوت الكنيسة التي تسبح دون كلل، وتشكر، وتئن وتتضرع من أجل الإنسانية بأسرها، وإنكن معاونات الله ذاته عبر صلاتكن وترفعن الأعضاء الخائرة القوى في جسد المسيح الذي لا يوصف[27].     
وعبر الصلاة الشخصية والجماعية، أنتن تكتشفن الرب ككنز حياتكن، خيركن "الخير الأعظم"[28]، وواثقات بإيمانكن من "أن الله يكفي"[29]، قد اخترتن النصيب الأفضل (را. لو 10، 42). لقد سلمتن حياتكن، وأنتن تحدقن بالرب، وتسكنَّ قلاية قلبكن (را. متى 6، 5)، في وحدة الدير المسكونة وفي الحياة الأخوية في الجماعة. وبهذه الطريقة أنتن صورة المسيح الذي يبحث عن اللقاء مع الآب فوق الجبل (را. متى 14، 23).

10.لقد أرتنا الكنيسة على مر العصور في مريم التأملية العظيمة[30]. من البشارة وحتى القيامة، عبر حج الإيمان الذي وصل لذروته عند أقدام الصليب، تبقى مريم في تأمل للسر الذي يسكنها. ونرى في مريم المسيرة السرية للشخص المكرس، القائمة على الحكمة المتواضعة التي تتذوق سر التحقيق النهائي.
التأملي، على غرار مريم، هو الشخص المتمحور في الله الذي هو الحاجة الضرورية الوحيدة بالنسبة إليه، (را. لو 10، 42)، وأمامه كل شيء يجد حجمه الطبيعي، لأنه يتم النظر إليه بأعين جدد. الشخص التأملي يدرك أهمية الأمور، ولكنها لا تسلبه قلبه ولا تكبح عقله، إنها على العكس سلّمٌ يصل به إلى الله: كل شيء بالنسبة له "يحمل معنى"[31] العلي! من يغوص في سر التأمل يرى بأعين روحية: وهذا يمكّنه من النظر إلى العالم وإلى الأشخاص بنظرة الله، وحيث الآخرون بالمقابل "لَهم عُيونٌ ولا يُبصِرون" (مز 115، 5؛ 135، 16؛ را. إر 5، 21)، لأنهم ينظرون بأعين الجسد.

11.إن التأمل بالتالي، هو التحلي، بالمسيح يسوع، بنظرة متجلية بفعل عمل الروح؛ نظرة يزهر فيه الاندهاش في الله وفي عجائبه؛ هو التحلي بذهنية صافية، يرن فيها صدى الكلمة وصوت الروح، هبة النسمة الخفيفة تلك. لم يلد التأمل صدفةً من الإيمان، ولم يكن الإيمان صدفة باب وثمرة التأمل: فقط عبر الـ "ها أنذا" التي نقولها بثقة تامة (را. لو 2، 38) يمكننا الدخول في السر.        
قد تتغلغل بعض التجارب في السلام الصامت والتأملي الذي يسكنه الذهن والقلب، وقد يصبح تأملكنَّ ساحة نضال روحي، تصمدن فيه بكل شجاعة باسم الكنيسة جمعاء ولصالحها، وهي تعرف أنكن حارساتها الأمينات والقويات والصامدات في النضال. مِن أبشع التجارب التي تهدد الشخص التأملي، نذكر تلك التي سمّاها آباء الصحراء "شيطان الظهيرة": وهي التجربة التي تقود إلى اللامبالاة، وإلى الروتين وفقدان الحوافز، والفتور الروحي الذي يُشِل. وهذا يُدخِل الشخص ببطء، كما كتَبتُ في الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، في "سيكولوجية القبر، التي تحول المسيحيين رويدا رويدا إلى مومياءات متاحف. فيعيشون، نتيجة خيبة أملٍ في الواقع أو في الكنيسة أو في الذات، تجربةَ التعلق بحزنٍ ودّي، تعلّقا ثابتا، دون رجاء، والتي تسيطر على القلب «كأثمن إكسير للشيطان»"[32].

مسائل متعلقة بموضوع التمييز وفحص السلوك

 

12.لمساعدة المتأملات في تحقيق هدف دعوتهن الخاصة، كما سبق وتم شرحه، أدعوهن للتأمل والتمييز حول الاثني عشر موضوعًا المتعلقة بالحياة المكرسة بشكل عام، وبالتقليد الرهباني بشكل خاص: التكوين، والصلاة، وكلمة الله، والإفخارستيا والمصالحة، وحياة الإخوة في الجماعة، والاستقلال، والاتحادات، والعزلة، والعمل، والصمت، ووسائل الاتصال الحديثة، والزهد. إنها قضايا سيتم تطبيقها، بطريقة ملائمة، وفقا لآليات تتوافق مع التقاليد الرهبانية الخاصة بمختلف الأُسر الرهبانية، وبتوافق مع أحكام الجزء الأخير من هذا الدستور ومع الإجراءات العملية المحددة، والتي ستعطى قريبًا من قبل مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.

 

التكوين

13.التكوين بالنسبة للشخص المكرس هو درب يجب أن يقوده إلى التشبه بالرب يسوع والتماثل مع مشاعره في طاعته الكاملة للآب؛ يتعلق الأمر بمسيرة لا تنتهي أبدًا، هدفها أن تصل بعمق إلى الإنسان في مجمله، حتى يُعبِّر كل تصرف له، وكل حركة يقوم بها، عن انتمائه الكامل والفَرِح للمسيح، ولذا فهي مسيرة تتطلب توبة مستمرة إلى الله. وتهدف لتشكيل القلب والعقل والحياة لتسهيل الانتماء في كل أبعاده الإنسانية والثقافية والروحية والرعوية[33].

إن تكوين الشخص المكرس المتأمل يصبو، بشكل خاص، إلى بلوغ حالة انسجام في الشركة مع الله ومع الأخوات، في إطار جو من الصمت المحصن بالعزلة اليومية.

14.        المكوِّن الأمثل هو الله الآب، ولكنه في هذا العمل الحرفي "اليدوي" يستخدم الوسائل البشرية، المكوِّنين والمكوِّنات، والإخوة والأخوات الأكبر، والذين تكمن رسالتهم الأساسية في إظهار "روعة التتلمذ للمسيح وقيمة الموهبة التي من خلالها يتحقق ذلك"[34].

إن التكوين، ولا سيما الدائم منه، هو "جزء لا يتجزأ من الحياة المكرسة"[35]، وتكون تربته (humus) في الجماعة وفي الحياة اليومية. لهذا السبب على الأخوات أن يتذكرّن أن المكان الاعتيادي الذي يجب أن تتم عليه مسيرة التكوين هو الدير، وأن حياة الإخوة في الجماعة، بمختلف أبعادها، ينبغي أن تساهم في هذه المسيرة.

15.على الأديرة، نظرًا للسياق التاريخي-الثقافي والديني الحالي، أن تولي اهتماما كبيرا بالتمييز الدعوي والروحي، مع الحذر من الانجراف في تجربة الأرقام والكفاءة[36]؛ وعليها أن توفر مرافقة شخصية للمرشحات وأن تؤمن لهن مسيرات تكوينية مناسبة، بدون إغفال أن التكوين المبدئي وكذلك المرتبط بفترة ما بعد النذور المؤقتة، "يجب أن ينال الوقت الكافي"[37]، وبقدر الإمكان لا أقل من تسع سنوات، ولا أكثر من إثنتي عشرة سنة[38].

 

الصلاة

16.        إن الصلاة الليتورجيا والشخصية هي ضرورة أساسية لتغذية حياتكن التأملية: فإن كانت "الصلاة هي «نخاع» الحياة المكرسة"[39]، فكم هي بالأحرى بالنسبة للحياة التأملية. هنالك اليوم العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يصلون. وكثيرون لا يشعرون ببساطة باحتياجهم للصلاة أو أنهم يحصرون علاقتهم بالله على أوقات التجارب، عندما لا يعرفون إلى مَن يلجؤون. وآخرون يجعلون من صلاتهم مجرد تسبيح بسيط يرفعونه في أوقات الفرح. إنهم يتلون أو يرنمون تسابيح الرب من خلال ليتورجيا الساعات، كنَّ أنتن أيضًا صوتًا لهؤلاء كما كان الأنبياء يتشفعون من أجل خلاص الجميع[40]. إن الصلاة الشخصية ستساعدكن على أن تكنَّ مفيدات للرب، مثل الأغصان للكرمة، فتحمل حياتكن هكذا ثمارًا وافرة (را. يو 15، 1 - 15). لكن تذكرَّنَّ أن حياة الصلاة والحياة التأملية لا يمكن عيشهما بالانكفاء على ذواتكن، بل يجب أن يوسعا آفاق القلب ليحتضن البشرية بأسرها، وخاصة أولئك الذين يتألمون.

فأنتن تتمتعنَّ، من خلال صلاة الشفاعة، بدور أساسي في حياة الكنيسة. فصليّنَّ وتشفعنّ من أجل الكثير من الإخوة والأخوات المسجونين، والمهجرين، واللاجئين والمضطهدين، ومن أجل العديد من الأسر المجروحة، ومن أجل الأشخاص الذين بلا عمل، ومن أجل الفقراء، والمرضى، وضحايا الإدمان، وما هذه إلا بعض من الحالات الأكثر إلحاحا كل يوم. فأنتن مثل هؤلاء الأشخاص الذين حملوا المفلوج أمام الرب، حتى يشفيه (را. مر 2، 1- 12). فأنتن، عبر صلاتكن، ليلا ونهارا، تقربن للرب حياة العديد من الإخوة والأخوات الذين، ولأسباب مختلفة، لا يستطيعون الوصول له كي يختبروا رحمته الشافية، بينما هو ينتظرهم ليمنحهم النعمة. إن صلاتكن بإمكانها أن تشفي جراح الكثير من الإخوة.

إن تأمل المسيح يجد في مريم العذراء النموذج الأكمل. فوجه الابن ينتمي لها بطريقة فريدة. إنها الأم والمعلمة الأمثل في تأمل الابن، وهي، بحضورها النموذجي وأمومتها، عون عظيم في الأمانة اليومية للصلاة (را. أع 1، 14) وخاصة البنوية منها[41].

17.        يُظهر لنا سفر الخروج كيف أن موسى من خلال الصلاة كان يقرر مصير شعبه، ضامنا له الانتصار على أعدائه عندما استطاع أن يستمر في رفع يديه سائلا عون الرب (را. 17، 11) . يبدو لي هذا النص معبرا للغاية عن قوة وفاعلية صلواتكن من أجل البشرية بأسرها والكنيسة، وخاصة من أجل أعضائها الأكثر ضُعفًا واحتياجًا. اليوم أيضًا، كما كان في الماضي، بإمكاننا أن نتخيل أن مصائر البشرية تُقرر في قلوب المتأملات المتعبدة وعبر أياديهن المرتفعة نحو السماء. لهذا السبب، أدعوكن لأن تكنَّ مخلصات لدساتيركن، وللصلاة الليتورجيا وللصلاة الشخصية، والتي ما هي إلا إعداد واستمرارية للصلاة الليتورجية. أشجعكن على ألا تفضلنَّ "أي شيء على عمل الرب (opus Dei)"[42]، كي لا يستطيع أي شيء أن يعرقل، أو يفصل، أو يتدخل في خدمتكن التعبدية[43]. بهذه الطريقة ستتحولن، من خلال التأمل، إلى صورة المسيح[44]، وستصبح جماعتكن مدارس حقيقية للصلاة.

18.         يتطلب كل هذا روحانية مترسخة على كلمة الله، وقوة الأسرار، وتعاليم الكنيسة الرسمية وكذلك على كتابات مؤسسيكنَّ ومؤسِساتكنَّ؛ روحانية تجعل منكن بنات للسماء وبنات للأرض، تلميذات ومرسالات، وفقا لأسلوب حياتكن. أبحثن، كذلك، عن تكوين مستمر على حياة الصلاة الشخصية والليتورجيا وأيضًا التأملية، بدون أن تنسيِّن أن هذه تتغذى قبل كل شيء من "روعة الصليب المشككة".

 

مركزية كلمة الله

19.        أحد العناصر الأكثر محورية في الحياة الرهبانية بشكل عام هو محورية كلمة الله في الحياة الشخصية والجماعية. هذا ما أكد عليه القديس بينديكت، عندما كان يطلب من رهبانة أن يصغوا بطيب خاطر للقراءات المقدسة: الإصغاء بطيب خاطر للكتاب المقدس (lectiones sanctas libenter audire)"[45]. لقد كانت الرهبنة، على مدى العصور، حامية الـ "القراءة الإلهيّة" (lectio divina). وبما أنه صار الآن يُوصى بها لكل شعب الله وتطلب من جميع الرهبان المكرسين[46]، فأنتن مدعوات لجعلها غذاء حياتكن اليومية، بحيث يكون بإمكانكن مشاركة هذه الخبرة المحوّلة لكلمة الله مع الكهنة، والشمامسة، والمكرسين الآخرين والعلمانيين. واعلمنَّ أن هذه المشاركة هي مهمة كنسية حقيقية.

إن الصلاة والتأمل هما، بدون أدنى شك، المكانان الأكثر ملائمة لاستقبال كلمة الله، ولكن الصلاة كما التأمل يتدفقان، في ذات الوقت، من الاصغاء لكلمة الله. فالكنيسة بأسرها، وبشكل خاص الجماعات المكرسة كليًّا للتأمل، هي بحاجة لاكتشاف محورية كلمة الله، والتي، كما ذكر سلفي، طيب الذكر، القديس يوحنا بولس الثاني، هي "النبع الأول لأي روحانية"[47]. فعلى كلمة الله أن تغذي الحياة، والصلاة، والتأمل، والمسيرة اليومية، وأن تصبح مبدأ الشركة لجماعاتكن وللأخوايات، والتي هي مدعوة لاستقبالها وللتأمل بها والاستغراق في تأملها، وتوصيل الثمار الناجمة عن هذه الخبرة إلى وتقاسمها معهم. وبهذه الطريقة سيكون بإمكانكن ان تنمونَّ في روحانية الشركة الأصيلة[48]. في هذا الصدد، احثكن على "الابتعاد عن خطر النهج الفردي، مع الأخذ في الاعتبار أن كلمة الله قد أعطيت لنا كي نبني الشركة، وكي نتحد حقًا أثناء مسيرتنا نحو الله [...] لذا يجب أن يكون النص المقدس مرافقا للشركة الكنسية"[49].

20.   "القراءة الإلهيّة" (lectio divina) أو القراءة التعبدية لكلمة الله هي الفن الذي يساعد في تحقيق الانتقال من النص الكتابي إلى الحياة المُعاشة، إنها التفسير الأساسي للكتاب المقدس، والذي بفضله يمكننا أن تقلص المسافة القائمة بين الروحانية والحياة اليومية، بين الإيمان والحياة. إن ما تقوم به "القراءة الإلهيّة" (lectio divina) يهدف إلى نقلنا من السمع إلى المعرفة، ومن المعرفة إلى المحبة.

اليوم وبفضل الحراك الكتابي - والذي أكتسب قوة جديدة خاصة بعد إصدار المجمع الفاتيكاني الثاني للدستور العقائدي في الوحي الإلهي كلمة الله (Dei Verbum) – يحث الجميع على الاقتراب بتواتر من الكتاب المقدس، عبر القراءة التعبدية والمتواصلة للنص الكتابي، بحيث يتحوّل الحوار مع الله إلى واقع يومي لشعب الله. يجب أن تساعدنا "القراءة الإلهيّة" (lectio divina) في تنمية قلب وديع، حكيم وفطن (را. 1 مل 3، 9. 12)، للتمييز بين ما يأتي من الله وبين ما قد يُبعدنا عنه؛ ولاكتساب تلك الحاسة فوق الطبيعية، والتي سمحت لمؤسسيكن ومؤسِساتيكن، ألا يتطبعوا بعقلية العالم، بل أن يجددوا ذهنهم، "لِيخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ" (رو 12، 2)[50].

21.        ليكن عيش يومكن، الشخصي والجماعي، على وقع كلمة الله. فتصبح هكذا جمعاتكن وأخوياتكن مدارسَ تكون فيها كلمة الله مسموعة، ومُعاشة ومعلنة لجميع من سيلتقي بكن.

وأخيرا، لا تنسين "أن القراءة الإلهيّة (lectio divina) لا تنتهي في ديناميتها، إن لم تصب في فعل (actio) يحرك وجود المؤمن كي يتحول إلى عطية للآخرين في المحبة"[51]. بهذه الطريقة ستعطي "القراءة الإلهيّة" ثمارا وفيرة في مسيرة التطابق مع المسيح، غاية كل وجودنا.

 

سرَّا الإفخارستيا والمصالحة

22.        الإفخارستيا هي السر الأمثل للالتقاء مع شخص يسوع: فيها "ينحصر كل خير الكنيسة الروحي، أي المسيح"[52]. الإفخارستيا، قلب حياة كل شخص معمد وقلب الحياة المكرسة ذاتها، هي أيضا وبشكل خاص لب الحياة التأملية. في الواقع، تقدمة حياتكن تدخلكن بشكل خاص في سر الفصح، سر الموت والقيامة الذي يتحقق في الإفخارستيا. إن كسر الخبز معا هو يكرر ويحقق حقيقة تقدمة يسوع لذاته الذي "كُسِّر ويُكسر من أجلنا" وهو يطلب منا بدورنا أن "نقدم وأن نسكر أنفسنا من أجل الآخرين"[53]. ولكي يتم ويظهر هذا السر الوافر الغنى في الحياة بطريقة حيوية فمن الضروري أن يتم الإعداد للاحتفال بالإفخارستيا بحرص وبعناية وبرصانة، وأن تكون المشاركة فيه بكل الكيان، وبإيمان وبوعي.

عيون القلب في الإفخارستيا تتعرف على يسوع[54]. يذكرنا القديس يوحنا بولس الثاني: بأن "التأمل في المسيح يتطلّب أن نعرفه في كلّ مكان يعتلن فيه، في تعدّد أشكال حضوره، ولكن بالأخصّ في سرّ جسده ودمه الحيّ. الكنيسة تحيا بالمسيح الإفخارستيّ، به تتغذّى، وبه تستنير. الإفخارستيّا سرُّ إيمان، وفي الوقت عينه "سرُّ نورانيّ". كلَّ مرّة تحتفل الكنيسة بالإفخارستيا، يستطيع المؤمنون أن يحيوا من جديد نوعاً ما، اختبار تلميذي عمّاوس: "فانفتحت أعينهما وعرفاه" (لو 24، 31)"[55]. إذا الإفخارستيا تدخلكن يوميًّا في سر المحبة، والتي هي محبة زوجية: "فالمسيح عريس الكنيسة بوصفه فادي العالم، والإفخارستيا هي سرّ فدائنا. إنّها سرّ العريس والعروس"[56].

ومن ثمَّ، فجدير بالإشادة التقليد المرتبط بإطالة الاحتفال الإفخارستي بالسجود القرباني، إنه لحظة مميزة لنمثل داخليا خبز كلمة الله المكسور أثناء الاحتفال والاستمرار في رفع الشكر.

23.        من الإفخارستيا ينبع الالتزام بتوبة مستمرة، توبة تجد تعبيرها الأسراري في سر المصالحة. ليكن الاحتفال الشخصي أو الجماعي المتواتر بسر المصالحة أو التوبة بالنسبة لكنَّ فرصة فريدة للتأمل بوجه الآب الرحيم، أي يسوع المسيح[57]، لتجديد قلبكن وتنقية علاقتكن مع الله في التأمل.

فمن الخبرة البهيجة للمغفرة، والتي نحصل عليها من الله في هذا سر، تدفق نعمة أن نصير أنبياء وخدّام الرحمة وسائط المصالحة والغفران والسلام، أنبياء وخداما لعالمنا الذي هو اليوم في أمس الحاجة إليهم.

 

حياة الإخوة في الجماعة

24.        حياة الإخوة في الجماعة هي عنصر أساسي للحياة المكرسة بشكل عام، وللحياة الرهبانية بشكل خاص، ولكن وفقا لتنوع المواهب.

إن علاقة الشركة هي مظهر من مظاهر هذا الحب الذي يتدفق من قلب الآب، والذي يغمرنا من خلال الروح الذي يهبنا إياها يسوع. وفقط عبر إظهار هذا الواقع، تكون الكنيسة عائلة الله، علامة على اتحاد عميق معه، وتقدم نفسها كالمكان الذي فيه تكون هذه الخبرة ممكنة ومحيية للجميع. إن المسيح الرب، بدعوته للبعض أن يشاطروا حياته، قد أسس جماعة تظهر "القدرة تقاسم الخيرات، وفي الحب الأخوي، وفي مشروع الحياة والنشاط، الذي ينجم عن قبول دعوة اتباعه بحرية أكثر وعن كثب أكبر"[58]. إن حياة الأخوية، التي تحمل المكرسين والمكرسات إلى السعي لتشكيل "قلب واحد وروح واحدة" (أع 4، 32)، اقتداء بمثل الجماعات المسيحية الأولى، "تقدم نفسها كشهادة بليغة عن الثالوث"[59].

25.        الشركة الكنسية هي انعكاس لطريقة الوجود ولطريقة هبة الذات لله، إنها شهادة لكون "الله محبة" (1 يو 4، 8. 16). الحياة المكرسة تعترف بأنها تؤمن وتعيش محبة الآب والابن والروح القدس، لذلك تصير الجماعة الأخوية انعكاسا لنعمة محبة الله الثالوثية.

وخلافا للنساك، الذين يعيشون "في صمت العزلة"[60]، والذين يتمتعون هم أيضًا بتقدير كبير من قبل الكنيسة، فإن الحياة الرهبانية تتقضي الحياة الجماعية في عملية نمو مستمرة، تؤدي إلى عيش شركة أخوية أصيلة،الـ (koinonia). يتطلب هذا من جميع أعضائها أن يشعروا بأنهم بناة للجماعة وليسوا مستفيدين فقط من المنافع التي قد يحصلون عليها منها. إن الجماعة تواجد بقدر ما تولد وتبنى بمساهمة الجميع، كل حسب مواهبه، وإنماء روحانية شركة قوية، تقود إلى الشعور وإلى عيش الانتماء المتبادل[61]. بهذه الطريقة فقط ستصبح الجماعية عونا متبادلا لتحقيق الدعوة الخاصة بكل فرد منها[62].

26.         فأنتنَّ، يا من اعتنقتن الحياة الرهبانية، تذكرن دائمًا أن رجال ونساء عصرنا يتوقعون منكن شهادة عن الشركة الأخوية الأصيلة، والتي تظهر وبقوة، في مجتمع يتسم بالانقسامات وبعدم المساواة، أنه من الممكن ومن الرائع العيش معًا (را. مز 133، 1)، بالرغم من الاختلافات ما بين الأجيال، وفي التكوين، وأحيانا في الثقافات. لتكن جماعتكن علامات موثوق بها تفيد بأن هذه الاختلافات، هي أبعد من أن تشكل عقبة في طريق الحياة الأخوية، بل إثراء لها. تذكرن أن الوحدة والشركة لا يعنيان التطابق، وأنهما يتغذيان من الحوار والتقاسم والمساعدة المتبادلة، والإنسانية العميقة، وخاصة في علاقتنا مع الأعضاء الأكثر ضعفا واحتياجا.

27.         تذكرنَّ، أخيرًا، أن حياة الأخوية في الجماعة هي أيضًا أول شكل من أشكال التبشير: "بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ" (يو 13، 34 - 35). لهذا السبب أحثكم على عدم إهمال الوسائل من أجل تعزيز هذه الحياة، كما تقترحه وتعيشه الكنيسة[63]، باليقظة الدائمة على هذا الجانب من الحياة الرهبانية، والذي هو حساس وذو أهمية أولية. فإلى جانب تقاسم الكلمة وخبرة الله والتمييز الجماعي، "يمكن التذكير بالنصح الأخوي، واستعراض الحياة، والأشكال الأخرى المرتبطة بالتقليد. إنها وسائل ملموسة لخدمة الآخرين ولسكب مواهب الروح القدس، التي يهبها بوفرة من أجل بناء الجماعة ورسالتها في العالم"[64].

وكما قلت مؤخرًا في لقائي مع المكرسين الذي جاءوا إلى روما لختام سنة الحياة المكرسة[65]، أعطيّنَّ اهتمامًا خاصًا للتقرب من الأخوات اللواتي منحكن الرب إياهن كهدية ثمينة. من ناحية أخرى، إنه، كما ذكر القديس بينديكت، لأمر ضروري في الحياة الجماعية "تقديم التوقير لكبار السن والمحبة للشباب"[66]. إن في هذا الحرص من أجل التوافق بين الذاكرة والمستقبل الواعد، تتجذر أيضًا خصوبة حياة الأخوة في الجماعة.

 

استقلالية الأديرة

28.        توفر الاستقلالية استقرار الحياة والوحدة الداخلية لكل جماعة، وتضمن أفضل الظروف للتأمل. إلا أن هذه الاستقلالية لا يجب أن تعني الانفصال أو الانعزال، ولا سيما عن الأديرة الأخرى التابعة لنفس الرهبنة أو من ذات العائلة الكاريزمية.

29.        مدركين أن "ما من أحد يبني المستقبل بعزل نفسه، ولا فقط بقواه الخاصة، ولكن بإدراك أنه في الحقيقة جزء من جماعة منفتحة دائمًا على اللقاء، والحوار والاصغاء والمساعدة المتبادلة"[67]، انتبهن باستمرار من السقوط في "مرض المرجعية الذاتية"[68]، وحافظنَّ على قيمة الشركة مع مختلف الأديرة كطريق منفتحة على المستقبل، عاملا بهذه الطريقة على تجيدي وتأوين قيِّم استقلاليتكن الدائمة والمقننة[69].

 

الاتحادات

30.        الاتحاد هو بنية هامة للشراكة بين الأديرة التي تتقاسم نفس الموهبة، كي لا تبقى منعزلة.

الغرض الرئيسي من الاتحادات هو تعزيز الحياة التأملية في الأديرة التابعة لها، وفقا لاحتياجات الموهبة الخاصة بها، ولضمان العون في التكوين الابتدائي والمستمر، وكذلك لضمان الاحتياجات الفعلية، من خلال تبادل الراهبات وتقاسم الخيرات المادية؛ من أجل هذه الأهداف، ينبغي على هذه الاتحادات أن تُشجع وأن تَتزايد[70].

 

العزلة

31.        إن الانفصال عن العالم، وهو أمر ضروري بالنسبة لأولئك الذين يتبعون المسيح في الحياة المكرسة، وهو بالنسبة لكنَّ، أيتها الأخوات المتأملات، يمثل تعبيرا خاصا في حياة العزلة، والتي هي مكان ألفة الكنيسة العروس: "[فالعزلة هي] علامة الاتحاد الحصري للكنيسة العروس مع ربها، الذي تحبه فوق كل شيء"[71].

وقد تم تقنين العزلة في أربعة أشكال وأنماط مختلفة[72]: فبالإضافة إلى تلك العزلة المشتركة بين جميع المعاهد الدينية، هنالك ثلاث خصائص للجماعات التأملية، والتي تسمى بابوية، ودستورية ورهبانية. ترتبط العزلة البابوية بـ"الامتثال للتوجيهات الصادرة عن الكرسي الرسولي"[73] و"تستثني القيام بإرساليات رسولية خارجية"[74]. فالعزلة الدستورية يتم تحديدها عبر القوانين التأسيسية؛ والعزلة الرهبانية، والتي بالرغم من الاحتفاظ بطابع "الانضباط الأكثر صرامة"[75] مقارنة بالعزلة العامة، فهي تسمح بأن يتم دمج الممارسات الأولية الخاصة بالعبادة الإلهية مع أشكال أوسع من الترحيب وكرم الضيافة، دائما وفقا لدساتيرهن الخاصة. إن العزلة العامة هي الأقل انغلاقا من بين الأربع الأخرى[76].

يجب اعتبار الطرق المتعددة في رصد حياة العزلة من الداخل، في نفس الرهبنة، كغنى وليس كعائق أمام الشركة، عبر التوفيق بين الحساسيات المختلفة في وحدة أسمى[77]. ستتمكن مثل هذه الشركة من أن تتحقق فعليًّا عبر أشكال مختلفة من اللقاء والتعاون، وخصوصًا في التكوين الابتدائي والدائم[78].

 

العمل

32.        يعتبر العمل هو أيضًا بالنسبة لكنَّ مشاركة في العمل الذي يقوم به الله الخالق في العالم. فهذا النشاط يضعكن في علاقة وثيقة مع أولئك الذين يعملون بمسؤولية كي يعيشوا من ثمار أيديهم (را. تك 3، 19)، ويساهموا في عمل الخلق وخدمة الإنسانية؛ إنه يجعلكن، وبشكل خاص، أكثر تضامنا مع الفقراء الذين لا يستطيعون العيش بدون أن يعملوا، والذين في كثير من الأحيان، بالرغم من كونهم يعملون، يحتاجون للعون الإلهي الذي يأتيهم من إخوتهم.

وكي لا يطفئ العمل روح التأمل، كما علمنا القديسون المتأملون العظماء، وحتى تكون حياتكن "فقيرة فعلا وروحا من الروح الاستهلاكية، حياة جدّ وقناعة"، كما هو مطلوب من تكريسكن ومن نذركن العلني، وكما هو مطلوب من مشورة الفقر الإنجيلية[79]، يجب أن يتم العمل بتفان وإخلاص، وبدون التأثر بعقلية الكفاءة والفاعلية الخاص بالثقافة المعاصرة. ليكن صالحا دائمًا، بالنسبة لكنَّ أيضًا، شعار تقليد البينديكتين "تعبد واعمل" (ora et labora)، والذي يربي على إيجاد علاقة متوازنة بين التوق نحو المطلق والالتزام في المسؤوليات اليومية، بين هدوء التأمل والهِمَّة في الخدمة.

 

الصمت

33.        إني أعتبر أنه من المهم في الحياة التأملية، لا سيما في الحياة التأملية كلية، الاعتناء بالصمت الغني بالوجود، كمساحة ضرورية من الاصغاء، ومن اجترار (ruminatio) الكلمة، كدعامة لنظرة الإيمان التي تربط بين حضور الله في التاريخ الشخصي، وحضوره في إخواننا وأخواتنا، الذين يهبكن إياهم الرب، وبين أحداث العالم المعاصر. إن الصمت هو إفراغ الذات لخلق مساحة من الاستقبال؛ ففي الضوضاء الداخلية لا يمكن استقبال أي شخص أو أي شيء. إن حياتكن التأملية بالكامل تتطلب "وقتا وقدرة على الصمت من أجل الاصغاء"[80] لله ولصرخة الإنسانية. لتصمت إذا لغة الجسد، ولتتكلم لغة الروح، مدفوعة بالمحبة التي في قلب كل منكن لسيده[81].

ليكن، في هذا الصدد، صمت مريم الكلية القداسة مثالا لكنَّ، والتي استطاعت استقبال الكلمة لأنها كانت امرأة صمت: صمت غير عقيم أو فارغ؛ بل على العكس، صمت تام، وغني. إن صمت العذراء الأم هو صمت مفعم بالمحبة التي تدفع لاستقبال الآخر كليًّا [الذي هو الله] والآخرين.

 

وسائل الاتصال الحديثة

34.        الثقافة الرقمية في مجتمعنا لها تأثير حاسم على تشكيل الفكر وطريقة التعامل مع العالم، ولا سيما مع الأشخاص. الجماعات التأملية ليست بمنأى عن هذا المناخ الثقافي. بإمكان هذه الوسائل بالتأكيد أن تكون وسائل مفيدة للتكوين والاتصالات، ولكني أحثكن على ممارسة التمييز والحكمة بحيث تكون في خدمة تكوين الحياة التأملية والاتصالات اللازمة، وليست فرصة للتشتت أو للتهرب من حياة الأخوية في الجماعة، أو سببا لإضرار بدعوتكن، ولا عائقا لحياتكن المكرسة كليا للتأمل[82].

 

الزهد

35.        يهدف التزهد، مع كل الوسائل التي تقترحها الكنيسة لضبط النفس ولتطهير القلب، إلى تحررنا من كل ما هو "دنيوي" لعيش منطق الإنجيل، والذي هو منطق الهبة، وخاصة هبة الذات، كجواب ضروري على حب حياتكن الاول والوحيد. بهذه الطريقة سيكون بإمكانكن أيضًا الإجابة على تطلعات إخواننا وأخواتنا، وكذلك على المتطلبات الأخلاقية والروحية الكامنة في كل من المشورات الإنجيلية الثلاث، التي تَبنّيْتنَّها بنذوركن العلنية[83].

في هذا السياق، تكتسب تقدمة حياتكن الكلية معنى نبويا قويا: القناعة والتحرر من الأشياء المادية، وهبة الذات في طاعة، والشفافية في العلاقات، فكل شيء بالنسبة لكنَّ هو أكثر راديكالية وتطلبًا، باختياركن التخلي عن حتى "المكان" والاتصالات وعن الكثير خيرات الدنيا [...] كطريقة خاصة لوهب «الجسد»"[84]. إن اختياركن لحياة مستقرة يتحوّل إلى علامة بليغة من الأمانة لعالمنا المعولم والمعتاد على استخدام المزيد والمزيد من التحولات السريعة والسهلة، مع خطر فقدان الجذور.

إن بيئة العلاقات الأخوية هي أكثر إلحاحا في حياة العزلة[85]، الأمر الذي يتطلب علاقات مستمرة وثيقة في الجماعات. بإمكانكن أن تصبحنَّ نموذجا وعونا لشعب الله ولبشرية اليوم، والمصطبغة في بعض الأحيان بالتمزقات بسبب العديد من الانقسامات، ببقائكنَّ بالقرب من الأخ والأخت، حتى حيث توجد خلافات بحاجة إلى تسوية، وتوترات ونزاعات بحاجة إلى، وحالات ضعف بحاجة لمن يستوعبها. الزهد هو أيضًا وسيلة للتواصل مع الضعف الشخصي، وتسليمه لرأفة الله والجماعة.

وأخيرًا، الالتزام بالزهد هو ضرورة للاستمرار بالقيام بالواجب اليومي بحب وأمانة، كفرصة لتقاسم مصير الكثير من الإخوة والأخوات في العالم، وكتقدمة صامتة ومثمرة من أجلهم.

 

شهادة الراهبات

 

36. أخواتي العزيزات، ليكن ما كتبته في هذا الدستور الرسولي بالنسبة لكنَّ، يا مَن اخترتنَّ دعوة الحياة التأملية، عونًا مفيدًا لتجديد حياتكن ورسالتكن في الكنيسة وفي العالم. ليحقق الرب في قلوبكن عمله ويحولكن تمامًا فيه، كونه هو الهدف النهائي للحياة التأملية[86]؛ لتكن جماعاتكن أو اخوياتكن مَدارس حقيقيةً للتأمل والصلاة.

إن العالم والكنيسة هما بحاجة لَكنَّ، كـ "منارات" تضيء دروب رجال ونساء عصرنا. لتكن هذه نبوءة خاصة بكن. فاختياركن ليس هروبًا من العالم بسبب الخوف، كما يظن البعض. فأنتن مستمرات في البقاء في العالم، بدون أن تكنَّ من العالم (را. يو 18، 19)، ولكونكن منفصلات عنه، من خلال علامات تشير إلى انتمائكن إلى المسيح، فلا تتوقفن عن التشفع باستمرار من أجل البشرية، بتقديم مخاوفها وآمالها، أفراحها ومعاناتها للرب[87].

لا تحرمنَّنا من مشاركتكن هذه في تشييد عالم أكثر إنسانية، وبالتالي أكثر عيشًا للإنجيل. متحدات بالله، اصغينَّ إلى صرخة الإخوة والأخوات (را. خر3، 7؛ قض 5، 4) ضحايا "ثقافة الهدر"[88]، أو الذين هم ببساطة بحاجة فقط إلى نور الإنجيل. تدرَّبنَ على فن الإصغاء، والذي هو "أكثر بكثير من مجرد الاستماع"، ومارسنَّ "روحانية الضيافة"، مرحبات في قلبكن وحاملات في صلاتكن كل ما يتعلق بالإنسان، المخلوق على صورة الله ومثاله (را. تك 1، 26). وكما كتبت في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" (Evangelii gaudium)، بأن "التشفع لا يفصلنا عن التأمل الحقيقي، لأن التأمل الذي يترك خارجا الآخر هو مجرد خدعة"[89].

بهذه الطريقة، ستكون شهادتكن تكملة ضرورية لتلك التي يقوم بها أولئك الذين، متأملين في قلب العالم، يشهدون للإنجيل مع بقائهم مغمورين تمامًا في الواقع وفي بناء المدينة الأرضية.

37.        أخواتي المتأملات الغاليات، كنَّ على يقين بأن حياتكن، كما باقي أشكال الحياة المكرسة، "هي هبة للكنيسة، تُولد من الكنيسة، وتنمو في الكنيسة، وتكون بكاملها موجهة للكنيسة"[90]. كنَّ إذا في شركة عميقة مع الكنيسة، لتصبحن فيها امتدادًا حيًّا لسر مريم العذراء، العروس والأم، والتي قبلت الكلمة وحفظته كي تقدمه بدورها إلى العالم، مساهمة هكذا في خلق وتنمية المسيح في قلوب البشر العطشى، وإن كان غالبًا بغير واعي، وللذي هو "الطريق، والحق، والحياة" (يو 14، 6). على مثال مريم، كنَّ أنتنَّ أيضًا "سُلمًا" يستطيع الله من خلاله أن ينزل ليقابل الإنسان ويستطيع الإنسان بواسطته أن يصعد ليلتقي بالله ويتأمل وجهه في وجه المسيح.

 

خاتمة توجيهية

 

على ضوء ما تم توضيحه سابقا، أقرر وأشرع ما يلي:

المادة 1 وفقا لمضمون القانون رقم 20 من مجموعة الحق القانوني اللاتيني (ح.ق.ل)، ومع النظر بعناية شديدة إلى البنود الـ 37 السابقة، وبإصدار وبنشر هذا الدستور الرسولي البحث عن وجه الله (Vultum Dei quaerere)، يكون قد تم تجاوز:

1. قوانين مجموعة الحق القانوني اللاتيني (ح.ق.ل)، والتي تبدوا، جزئيا، متعارضة مباشرة مع أي بند من هذا الدستور؛

2. وبشكل أكثر تحديدا، البنود التشريعية-التوجيهية الآتية:

- المبادئ التوجيهية (Sponsa Christi)، لبيوس الثاني عشر، بتاريخ 21 نوفمبر 1950: بعنوان Statuta generalia Monialium؛

- المبادئ التوجيهية (Inter praeclara) الصادر عن المجمع المقدس للمكرسين (23 نوفمبر 1950)؛

- المبادئ التوجيهية (Verbi Sponsa)، والصادر عن مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية (CIVCSVA)، بتاريخ 31 مايو 1999، حول الحياة التأملية وعزلة الراهبات.

 

المادة 2

§ 1 إن هذا الدستور الرسولي موجه على حدٍ سواء إلى مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، أو إلى كل دير نسائي للحياة التأملية أو للحياة التأملية كليِّة على حدة، اتحاديا كان أم غير اتحادي.

§ 2 هذا الدستور الرسولي يشرع المواد المذكورة في قائمة البنود السابقة في رقم 12، والمفصلة من رقم 13- 35.

§ 3 سيقوم مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية – وعندما تتطلب الحاجة بالتوافق مع مجمع الكنائس الشرقية أو مجمع تبشير الشعوب – بوضع الضوابط المحددة لتنفيذ هذه القواعد التوجيهية الدستورية، وفقا لمختلف التقاليد الرهبانية وبمراعاة مختلف الأسرة الكاريزمية.

 

المادة 3

§ 1 ليراعِ كل دير على حدة بعناية شديدة، من خلال الهيكليات المناسبة والتي يجب تحديدها أثناء وضع مشروع حياة الجماعة، التكوين الدائم، والذي يمثل تربة كل مرحلة من مراحل التكوين، بدءا من المرحلة الابتدائية.

§ 2 لتعزز الاتحادات، لضمان تكوين دائم مناسب، التعاونَ بين الأديرة من خلال التبادل للمواد التكوينية وعبر الاستخدام لوسائل الاتصال الحديثة، مع المراعاة الدائمة لضرورة التصرف بحسن تقدير.

§ 3 إلى جانب الاعتناء باختيار الاخوات المدعوات للقيام بمهمة التكوين والمصاحبة للمرشحات في مسيرة نضوج شخصي، على كل دير بمفرده وعلى الاتحادات أن تعزز تكوين المكوِّنات ومعاوناتهن.

§ 4 بإمكان الراهبات المدعوات للقيام بخدمة التكوين الدقيقة، بعد مراعاة القوانين الواجب مراعاتها (servatis de iure servandis)، أن يحضرن الدورات التدريبية الخاصة بالتكوين والتي تقام خارج ديرهن، محافظات على مناخ ملائم ومتوافق مع متطلبات الموهبة الخاصة بهم. سيصدر مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية قواعد خاصة بهذا الشأن.

§ 5 ستولي الأديرة اهتماما خاصا للتمييز الروحي والدعوي، ليوفرن للمرشحات دعما شخصيا ولتعزيز طرق التدريب المناسبة لهن، مع الأخذ في الاعتبار دائمًا تخصيص حيز كبير من الوقت للتكوين الابتدائي.

§ 6 بالرغم من أن أنظمة الجماعات الدولية المتعددة الثقافات تظهر عالمية الموهبة، ألا أنه يجب الابتعاد تماما عن قبول المرشحات القادمات من لدان أخرى بغرض الحفاظ فقط على بقاء الدير. سيتم كتابة معايير تضمن تحقيق ذلك.

§ 7 لضمان جودة التكوين، ووفقًا للظروف، سيتم العمل على تدعيم بيوت تكوين ابتدائي مشتركة بين عدة أديرة.

 

المادة 4

§ 1 نظرا لأن الصلاة هي قلب الحياة التأملية، ليتحقق كل دير من إيقاع حياته اليومية لتقييم ما إذا كان الرب هو في القلب منه.

§2. ليتم تقييم الاحتفالات الجماعية عبر التساؤل عما إذا كانت تمثل في الحقيقة لقاء حيا مع الرب.

 

المادة 5

§ 1. نظرا لأهمية "القراءة الإلهيّة" (lectio divina)، على كل دير أن يحدد الوقت الكافي والسبل الأكثر ملائمة لتلك الحاجة للقراءة / للاستماع، وللاجترار (ruminatio)، وللصلاة وللتأمل ولتقاسم الكتب المقدسة.

§2. باعتبار أن التقاسم في خبرة الكلمة المحوِّلة، سواء مع الكهنة والشمامسة والمكرسين أو المؤمنين العلمانيين الآخرين، هو تعبير عن الشركة الكنسية الحقيقية، فإن على كل دير تحديد كيفية إعلان هذا الإشعاع الروحي خارج اسواره (ad extra).

 

المادة 6

§ 1. إن كل الدير، أثناء إعداده لخططه الجماعية والأخوية، بالإضافة إلى الإعداد الدقيق للاحتفالات الإفخارستية، عليه أن يكرس أوقاتًا كافية للتعبد الإفخارستي، وتقديم إمكانية المشاركة أيضًا للمؤمنين التابعين للكنيسة المحلية.

§2. يرجى إيلاء اهتمام خاص لاختيار الكهنة المرشدين والمعرِّفين والمرشدين الروحيين، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الموهبة المتعلقة بالرهبنة ومتطلبات حياة الأخوية في الجماعة.

 

المادة 7

§ 1. إن أولئك اللواتي هن مدعوات لممارسة خدمة السلطة، بجانب الاعتناء بتكوينهن الخاص، عليهن أن يكن منقادات بروح إخوة وخدمة حقيقي، لتعزيز أجواء بهيجة من الحرية والمسؤولية لتنمية التمييز الشخصي والجماعي، والتواصل، في الحقيقة، لكل ما يُفعل، وما يُفكر وما يُقال.

§2. لتستوعب الخطة الجماعية بطيب خاطر بل وتشجع تبادل المواهب الإنسانية والروحية الخاصة بكل أخت، من أجل الإثراء المتبادل وتقدم روح الأخوة.

 

المادة 8

§ 1. الاستقلالية القانونية يجب أن تتطابق مع استقلالية حياة حقيقية، وهو ما يعني توفر: العدد الأدنى من الأخوات، شريطة ألا تكون الأغلبية متقدمة في العمر؛ الحيوية الضرورية للعيش ولنقل الموهبة؛ القدرة الفعلية للتكوين وللحكم؛ الكرامة وجودة الحياة الليتورجية، الأخوية والروحانية؛ الملائمة والاندماج في الكنيسة المحلية؛ إمكانية توفير أسباب العيش؛ مبنى مناسب لحياة الدير. يجب النظر في هذه المعايير في مجملها ومن خلال نظرة شمولية.

§2. حيث لا تتوفر الشروط الحقيقية لاستقلالية الدير، فإن مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية ستدرس إمكانية إنشاء لجنة مخصصة (ad hoc)، تتكون من الأسقف، ورئيس الاتحاد، ومساعد الاتحاد والأباتية أو رئيسة الدير. على أية حال، هدف هذا التدخل هو البدء في مسيرة إنعاش لدير، أو البدء في إجراءات إغلاقه.

§3.يمكن أن يشمل هذا التدخل أيضًا الانضمام لدير أخر أو وضعه عهدة رئيسة الاتحاد مع مجلسه إذا كان الدير اتحاديا. على أية حال، فإن القرار النهائي هو من اختصاص مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.

 

المادة 9

§ 1. يجب على كل الأديرة في البداية أن تكون جزءا من اتحاد. لكن إن كان دير، لأسباب خاصة، لا يستطيع أن يكون اتحاديًّا، يطلب التصريح، بعد تصويت الجمعية العامة للرهبنة، من الكرسي الرسولي، المسؤول عن القيام بالتمييز الكافي، من أجل السماح لدير بعدم الانضمام إلى الاتحادية.

§2. يمكن تعيين الاتحادات ليس فقط على أساس جغرافي، ولكن وفقا للروح وللتقاليد. الطرق لتنفيذ هذا سيقوم بتحديدها مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.

§3. كما سيتم توفير المساعدة في التكوين والحاجات الملموسة من خلال تبادل الراهبات وتقاسم الخيرات المادية، وفقا لما يقرره مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، الذي سيحدد أيضًا الصلاحيات الخاصة بالرئاسة والخاصة بمجلس الاتحادية.

§4. وسوف يتم تشجيع الشراكة، حتى القانونية منها مع أديرة رهبنة رجال المطابقة لها. كما سيتم تشجيع أيضًا الاتحادات واللجان الدولية من مختلف الرهبانيات، عبر اللوائح المعتمدة من مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.

 

المادة 10

§1. ليطلب كل الدير، بعد ممارسة التمييز الجاد ووفقا لتقاليده وما يفرضه دستوره، من الكرسي الرسولي شكل العزلة التي يريد أن يعتنقها، إفي حال كان هذا الشكل يختلف عن شكل العزلة المألوف.

§2. وبمجرد اختيار شكل العزلة والموافقة عليه، ليحرص كل الدير على الالتزام به والعيش وفقا لما ينطوي عليه.

 

المادة 11

§1. حتى وإن توفر لبعض الجماعات الرهبانية إمكانية أن يكون لها دخل، وفقا لقانونها الخاص، فإن هذا، على أية حال، لا يعفيها من ضرورة العمل.

§2. بالنسبة للجماعات المكرسة للتأمل، فإن ثمرة العمل لا ترتبط فقط بضمان العيش الكريم ولكن أيضًا، عندما يكون ذلك ممكنا، بتلبية احتياجات الأديرة الفقيرة والمحتاجة.

 

المادة 12.

ليوفر الإيقاع اليومي لكل دير أوقاتًا مناسبة من الصمت، بحيث يتم تعزيز جو الصلاة والتأمل.

 

المادة 13.

ليوفر كل دير في خطته الجماعية الوسائل المناسبة التي من خلالها يعبر عن الالتزام النسكي للحياة الرهبانية، من أجل جعلها أكثر نبوية ومصداقية.

 

توجيه أخير

 

المادة 14

§1. سيصدر مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وفقا لروح وقواعد هذا الدستور الرسولي، إرشادات جديدة بشأن المسائل المذكورة في رقم 12.

§2. يجب على مواد الدساتير والأنظمة الخاصة بكل دير، عندما يتم تأقلمها مع هذه الأحكام الجديدة، أن تخضع لموافقة الكرسي الرسولي.

 

أعطي في روما، كاتدرائية القديس بطرس، في 29 يونيو / حزيران، بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين بطرس وبولس، عام 2016، العام الرابع من حبريتي.

فرنسيس

 


 

[1] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الرعائي، فرح ورجاء، 19.

[2] الفصل الأول، 1، 1: PL 32، 661.

[3] را. الارشاد الرسولي، فرح الإنجيل (24 نوفمبر / تشرين الثاني 2013)، 169: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1091.

[4] رسالة إلى جميع المكرسين بمناسبة سنة الحياة المكرسة (21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، II، 2: أعمال الكرسي الرسولي 106 (2014)،941.

[5] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 68: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 443.

[6] بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 83: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 754.

[7] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 59: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 432.

[8] را. مدونة القانون الكنسي ق. 573 §1.

[9] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 16: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 389.

[10] بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 83: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 754.

[11] را. يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 18: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 391- 392.

[12] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائدي نور الأمم، 44؛ يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 3. 29: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 379. 402.

[13] القا 58، 7.

[14] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 8: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 382- 383.

[15] نفس الكاتب، الرسالة الرسولية نور الشرق (2 مايو/أيار 1995)، 9: أعمال الكرسي الرسولي 87 (1995)، 754.

[16] المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائدي نور الأمم 44.

[17] بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 83: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 754.

[18] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، المرسوم المحبة الكاملة، 5.

[19] المرجع نفسه، 1.

[20] را. يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 14: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 387.

[21] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائدي نور الأمم، 46: نفس الكاتب، المرسوم المسيح الرب، 35؛ نفس الكاتب، المرسوم المحبة الكاملة، 7. 9؛ مدونة القانون الكنسية ق. 674.

[22] را. مدونة القانون الكنسي ق. 667§ 2- 3.

[23] را. يوحنا بولس الثاني، الرسالة الرسولية نور الشرق (2 مايو/أيار 1995)، 9: أعمال الكرسي الرسولي 87 (1995)، 754.

[24] فرنسيس الأسيزي نشيد المخلوقات، 1مصادر فرنسيسكانية 263.

[25] المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائدي نور الأمم، 44.

[26] را. نفس الكاتب، المرسوم المحبة الكاملة، 2.

[27] را. كلارا الأسيزية، الرسالة الثالثة إلى القديسة أنييزي من بويميا، 8:مصادر فرنسيسكانية 2886.

[28] فرنسيس الأسيزي تسبيح الله العلي، 3. 5 مصادر فرنسيسكانية 261.

[29] تريزا الأفيلية، المجموعة الكاملة، القصائد، إصدار Monte Carmelo، Burgos2011، 1368.

[30]ديونيسيوس الشارتروزي، شرح نشيد الأناشيد في الفصل 3 XI 6،Doctoris Ecstatici D. Dionysii Cartusiani Opera Omnia, VII, Typis Cartusiae, Monstrolii 1898, 361.

[31] فرنسيس الأسيزي نشيد المخلوقات، 4مصادر فرنسيسكانية 263.

[32] عدد 83: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1054- 1055.

[33] را. يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 65: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 441؛ مدونة القانون الكنسي ق. 664.

[34]نفس المرجع، 66: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 442.

[35]نفس المرجع، 69: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 444؛ را. مدونة القانون الكنسي ق. 661.

[36] مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم البدء من جديد انطلاقًا من المسيح. التزام مجدد بالحياة المكرسة في الألفية الثالثة (19 مايو/أيار 2002)، 18.

[37] را. يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 65: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 441.

[38] را. مدونة القانون الكنسي ق. 648 §1 و3؛ 657 §2.

[39] تحية في نهاية القداس الإلهي، 2 فبراير/شباط 2016: أوسرفاتوري رومانو، 4 فبراير/شباط 2016، ص. 6؛ مدونة القانون الكنسي ق. 673.

[40]را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور المجمع المقدس، 83؛ مدونة القانون الكنسي ق. 1173؛ 1174§1.

[41] را. بندكتس السادس عشر، مقابلات عامة (28 ديسمبر/كانون الأول 2011): تعاليم VII/2 (2011)، 980- 985؛ مدونة القانون الكنسي ق. 663§4؛ مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم خدمة السلطة والطاعة، 11 مايو/أيار 2008، 31.

[42] بندكتس، القانون، 43، 3.

[43] را. فرنسيس الأسيزي، القانون دون مرسوم، XXII، 31: مصادر فرنسيسكانية 71.

[44]را. كلارا الأسيزية، الرسالة IIIإلى القديسة أنييزي من بويميا، 12. 13: مصادر فرنسيسكانية 2888.

[45] القانون 4، 55.

[46] را. بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 86: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 757؛ مدونة القانون الكنسي ق. 663§3.

[47]الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 94: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 469؛ را. مدونة القانون الكنسي ق. 758.

[48] را. مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم البدء من جديد انطلاقًا من المسيح. التزام مجدد بالحياة المكرسة في الألفية الثالثة (19 مايو/أيار 2002)، 25؛ يوحنا بولس الثاني، الرسالة الرسولية في بدء الألفية الجديدة (6 يناير/كانون الثاني 2001)، 43: أعمال الكرسي الرسولي 93 (2001)، 297.

[49] را. بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 83: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 758؛ مدونة القانون الكنسي ق.ق. 745- 755.

[50] را. يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 94: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 470.

[51] بندكتس السادس عشر، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس كلمة الرب (30 سبتمبر/أيلول 2010)، 87: أعمال الكرسي الرسولي 102 (2010)، 759.

[52]المجمع الفاتيكاني الثاني، المرسوم درجة الكهنوت، 5؛ را. مدونة القانون الكنسي ق. 899.

[53] عظةبمناسبة عيد جسد ودم المسيح المقدسين (26 مايو/أيار 2016): أوسرفاتوري رومانو، 27- 28 مايو/أيار 2016، ص. 8؛ را. مدونة القانون الكنسي ق. 663§2.

[54] را. يوحنا بولس الثاني، عظة بمناسبة عيد جسد ودم المسيح المقدسين (14 يونيو/حزيران 2001)، 3: أعمال الكرسي الرسولي 93 (2001)، 656.

[55] نفس الكاتب، الرسالة العامة الكنيسة تحيا من الأفخارستية (17 أبريل/نيسان 2003)، 6: أعمال الكرسي الرسولي 95 (2003)، 437.

[56]نفس الكاتب، الرسالة الرسولية كرامة المرأة (15 أغسطس/آب 1988)، 26: أعمال الكرسي الرسولي 80 (1988)، 1716.

[57] را. المرسوم وجه الرحمة، 1: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 399؛ مدونة القانون الكنسي ق. 664؛ 630.

[58] مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم الحياة الأخوية في الجماعة. محبة المسيح تجمعنا لنكون واحدا (2 فبراير/شباط 1994)، 10.

[59] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 21: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 395.

[60] مدونة القانون الكنسي ق. 603.

[61] را. يوحنا بولس الثاني، الرسالة الرسولية في بدء الألفية الجديدة (6 يناير/كانون الثاني 2001)، 43: أعمال الكرسي الرسولي 93 (2001)، 296- 297.

[62]را. المجمع الفاتيكاني الثاني، المرسوم المحبة الكاملة، 15؛ مدونة القانون الكنسي ق. 602.

[63] را. مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم الحياة الأخوية في الجماعة. محبة المسيح تجمعنا لنكون واحدا (2 فبراير/شباط 1994)؛ مدونة القانون الكنسي ق. 607§2؛ 608؛ 665؛ 699§1.

[64] نفس المرجع، 32؛ را. مدونة القانون الكنسي ق. 619؛ 630؛ 664.

[65] را. كلمة قداسة البابا إلى المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة، 1 فبراير/شباط 2016: أوسرفاتوري رومانو، 1- 2 فبراير/شباط 2016، ص. 8.

[66] بندكتس، القانون، IV، 70- 71.

[67] رسالة إلى جميع المكرسين بمناسبة سنة الحياة المكرسة (21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، II، 3: أعمال الكرسي الرسولي 106 (2014)،943.

[68]نفس المرجع.

[69]را. نفس المرجع؛ را. مدونة القانون الكنسي ق.ق. 614- 615؛ 628§2- 1؛ 630§3؛ 638§4؛ 684§3؛ 688§2؛ 699§2؛ 708؛ 1428§1- 2.

[70]را. مدونة القانون الكنسي ق.ق. 582؛ 684§3.

[71] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 59: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 431.

[72] را. نفس المرجع؛ مدونة القانون الكنسي ق. 667.

[73] مدونة القانون الكنسي ق. 667§3.

[74]نفس المرجع، ق. 674.

[75]نفس المرجع، ق. 667§2.

[76]نفس المرجع، ق. 667§1.

[77] را. خ. م. برغوليو، مداخلة يوم 13 أوكتوبر/تشرين الأول 1994 أثناء سينودس الأساقفة حول الحياة المكرسة ورسالتها في الكنيسة وفي العالم .

[78] را. رسالة إلى جميع المكرسين بمناسبة سنة الحياة المكرسة (21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، II، 3: أعمال الكرسي الرسولي 106 (2014)،942- 943.

[79] را. مدونة القانون الكنسي ق. 600.

[80] رسالة قداسة البابا بمناسبة اليوم العالمي الثالث والأربعين للتواصل الاجتماعي (1 يونيو/حزيران 2014): أعمال الكرسي الرسولي 106 (2014)، 114؛ را. مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم الحياة الأخوية في الجماعة. محبة المسيح تجمعنا لنكون واحدا (2 فبراير/شباط 1994)، 10 و34.

[81]را. كلارا الأسيزية، الرسالة IVإلى القديسة أنييزي من بويميا، 35: مصادر فرنسيسكانية 2908.

[82] را. مدونة القانون الكنسي ق. 666.

[83] را. تحية في نهاية القداس الإلهي، 2 فبراير/شباط 2016: أوسرفاتوري رومانو، 4 فبراير/شباط 2016، ص. 6؛ مدونة القانون الكنسي ق. ق. 599- 601؛ 1191- 1192.

[84] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 59: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 431.

[85] مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، التعليم الحياة الأخوية في الجماعة. محبة المسيح تجمعنا لنكون واحدا (2 فبراير/شباط 1994)، 10.

[86] 16: مصادر فرنسيسكانية 2902.

[87] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الرعائي فرح ورجاء، 4.

[88] الارشاد الرسولي، فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 53: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1042؛ را. نفس المرجع 187س س : أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1098 س س.

[89] نفس المرجع، 281: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1133.

[90] را. خ. م. برغوليو، مداخلة يوم 13 أوكتوبر/تشرين الأول 1994 أثناء سينودس الأساقفة حول الحياة المكرسة ورسالتها في الكنيسة وفي العالم .

 


Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana