Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - PL  - PT ]

APOSTOLIC JOURNEY OF HIS HOLINESS POPE FRANCIS TO  MYANMAR AND BANGLADESH
(26 NOVEMBER - 2 DECEMBER 2017)

 

الزيارة الرسولية إلى بنغلاديش

كلمة قداسة البابا فرنسيس

إلى الكهنة والمكرسين والاكليريكيين والمبتدئين

دكا، كنيسة الورديّة المقدّسة

السبت 2 ديسمبر / كانون الأوّل 2017

[Multimedia]


 

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء،

إنّي لسعيدٌ جدًّا لكوني معكم. أشكر رئيس الأساقفة موزيز [كوستا] على التحيّة الحارّة التي ألقاها باسمكم. وأشكر بصورة خاصّة جميعَ الذين قدّموا شهادَتهم وشاركونا بمحبّتهم لله. أعبّر عن شكري أيضًا للأب مينتو [بالما] على تأليفه الصلاة التي سوف نتلوها بعد قليل للسيدة العذراء. إنه من واجبي، كخليفة بطرس، أن أثبّتكم بالإيمان. لكنّني أودّ أن تَعلَموا أنكم أنتم أيضًا اليوم، من خلال كلامكم وحضوركم، تثبّتونني بالإيمان وتفرحوني للغاية.

إن الطائفة الكاثوليكية في البنغلاديش هي صغيرة. لكنّكم مثل حبّة الخردل التي يكمّلها الله في وقته. إني سعيد لرؤية كيف أن هذه الحبّة تنمو ولأني أشهد مباشرة على عمق الإيمان الذي وهبكم الله إياه (را. متى 13، 31- 32). أفكّر في المرسلين الغيورين والأمناء الذين زرعوا حبّة الإيمان هذه واعتنوا بها لمدّة خمسة قرون تقريبًا. سوف أزور المدفن بعد قليل وأصلّي من أجل هؤلاء الرجال والنساء الذين خدموا هذه الكنيسة المحلّية بكثير من السخاء. وإني أرى، إذ أنظر إليكم، مُرسلين يواصلون هذا العمل المقدّس. أرى أيضًا الكثير من الدعوات التي نشأت في هذه الأرض: وهي علامة للنعمة التي يبارككم الربّ بها. ويسرّني بشكل خاص حضور الراهبات المحصّنات بيننا اليوم، وصلواتهم.

وكم هو جميل أن يتمّ لقاؤنا في كنيسة الورديّة المقدّسة القديمة هذه. الوردية هي تأمّلٌ رائعٌ في أسرار الإيمان التي هي الليمفاوية الحيويّة للكنيسة، وصلاة تُصيغ الحياةَ الروحية والخدمة الرسوليّة. أكنّا كهنة، أم رهبان، أم مكرّسين، أم إكليريكيين، أم مبتدئين، فإن صلاة الورديّة تحثّنا على وهب حياتنا بالكامل للمسيح، باتحاد مع مريم. وهي تدعونا لنشارك في استعداد مريم لخدمة الله ساعة البشارة، وفي تضامن المسيح مع البشريّة بأسرها حين عُلّق على الصليب، وفي فرح الكنيسة عندما تنال هبة الروح القدس من الربّ القائم من الموت.

استعداد مريم. هل وُجِدَ شخصٌ، طوال التاريخ، أظهر استعدادًا على قدر استعداد مريم ساعة البشارة؟ لقد حضّرها الله لهذه اللحظة وأجابت هي بالمحبّة والثقة. لقد حضّر الربّ أيضًا كلّ منّا ودعانا بأسمائنا. والإجابة على هذه الدعوة هي عمليّة تدوم الحياة بأكملها. ونحن مدعوّون يوميًّا لأن نتعلّم كيف نكون مستعدين لخدمة الرب في الصلاة، ونحن نتأمّل بكلامه ونحاول أن نميّز مشيئته. أعلم أن العمل الرعوي والرسالة يتطلّبان منكم الكثير، وأن أيّامكم غالبًا ما تكون طويلة وشاقة. لكن لا يمكننا أن نحمل اسم المسيح أو أن نشارك برسالته دون أن نكون قبل كلّ شيء رجالًا ونساء متجذّرين بالمحبّة، ومشتعلين بالمحبّة، من خلال اللقاء الشخصيّ بيسوع في الإفخارستيا وفي كلمات الكتب المقدّسة. لقد ذكّرتنا بهذا، أيها الأب أبيل، عندما تكلّمت عن أهمّية تنمية علاقة حميمة مع يسوع، لأننا فيها نختبر رحمته ونستمدّ طاقة متجدّدة لخدمة الآخرين.

إن الاستعداد لخدمة الربّ يسمح لنا بأن نرى العالم بعينيه وأن نصبح هكذا أكثر تنبّها على احتياجات الذين نخدمهم. فنبدأ بفهم آمالهم وأفراحهم، مخاوفهم وأثقالهم، ونرى بوضوح أكبر المواهب والكاريزما والعطايا الكثيرة التي يقدّمونها لبناء الكنيسة بالإيمان والقداسة. ولقد ساعدتنا أيها الأخ لورنس، عندما تكلّمت عن صومعتك، على فهم أهمّية الاعتناء بالأشخاص لإرواء عطشهم الروحي. كونوا جميعكم، عبر رسالاتكم المتنوّعة، مصدر تجدّدٍ روحيّ وإلهامٍ لجميع الذين تخدمونهم، فتجعلونهم قادرين على المشاركة بمواهبهم فيما بينهم أكثر فأكثر، وتجعلوا رسالة الكنيسة تتقدّم.

تعاطف المسيح. إن الورديّة تُدخِلنا في التأمّل حول آلام يسوع وموته. وإذ ندخل بعمق في أسرار الألم هذه، نتوصّل لمعرفة قوّتها الخلاصيّة ونثبّت دعوتنا لأن نتشارك بها بحياتنا، وبالتعاطف وببذل الذات. ليس الكهنوت بوظيفة ولا الحياة الرهبانية. وليست عربة للتقدّم. بل خدمة، ومشاركة بمحبّة المسيح الذي يضحّي بذاته من أجل قطيعه. وإذ نتمثّل يوميًّا بالذي نحبّ، نتوصّل لأن نقدّر الواقع بأن حياتنا ليست ملكًا لنا. لسنا نحن نحيا، بل المسيح يحيا فينا (را. غل 2، 20).

إنّنا نجسّد هذا التعاطف عندما نرافق الأشخاص، لا سيما في لحظات المعاناة والمحن، إذ نساعدهم على إيجاد يسوع. شكرا أيها الأب فرانكو لأنك وضعت هذا الجانب في المقام الأول: كلّ منّا مدعوّ لأن يكون مُرسلا، فيحمل محبّة المسيح الرحيمة للجميع، ولا سيما لجميع الموجودين في ضواحي مجتمعاتنا. وإنّي أشعر بالامتنان بشكل خاص لأن الكثيرين منكم يشاركون، بأشكال عدّة، في مجالات العمل الاجتماعي، والصحّي والتربوي، فيسدّون حاجات المجتمع المحلّي والكثير من اللاجئين الذين يصلون البلاد. إن خدمتكم للمجتمع البشري الأوسع، ولا سيما أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، هي ثمينة لبناء ثقافة اللقاء والتضامن.

فرح الكنيسة. في النهاية، المسبحة الورديّة تملأنا فرحًا لانتصار المسيح على الموت، وصعوده إلى يمين الآب، وفيض الروح القدس على العالم. إن خدمتنا بأكملها هي أن نعلن فرح الإنجيل. ندرك جميعنا، في الحياة وفي الرسالة، مشاكل العالم ومعاناة البشرية، ولكننا لا نفقد الثقة أبدًا في أن قوّة محبّة المسيح تتفوّق على الشرّ وعلى سيّد الكذب، الذي يحاول أن يخدعنا. لا تسمحوا أبدًا لإخفاقاتكم أو لتحدّيات الخدمة بأن تحبطكم. فإن بقيتم منفتحين على الربّ في الصلاة، وإن ثابرتم على تقدمة تضامن المسيح لإخوتكم وأخواتكم، يملأ الربّ حينها حقًّا قلوبكم بفرح روحه القدّوس المُعَزّي.

لقد تشاركت معنا أيتها الأخت ماري كاندرا، بالفرح الذي ينبع من دعوتك الرهبانيّة ومن كاريزما جمعيتك الرهبانية. وأنت أيضًا مارشيليوس، كلّمتنا عن الحبّ الذي تكنّه، مع رفاقك في الاكليريكية، لدعوة الكهنوت. وقد ذكّرنا كلاكما أننا مدعوّون جميعًا ويوميًّا إلى تجديد وتعميق فرحنا بالربّ جاهدين في التمثّل به بالتمام أكثر فأكثر. قد يبدو هذا صعبًا في البدء، لكنّه يغمر قلوبنا بالفرح الروحي. كيما يصبح كلّ يوم فرصة لنبدأ من جديد، ولنجيب الربّ من جديد. لا تفقدوا أبدًا الشجاعة، لأن صبر الربّ وسيلة خلاصنا (را. 2 بط 3، 15). افرحوا بالربّ دائمًا!

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أشكركم على أمانتكم في خدمة المسيح وكنيسته من خلال بذل حياتكم. أؤكّد لكم جميعًا صلاتي وأطلب منكم الصلاة لأجلي. لنتوجّه الآن إلى السيدة العذراء، سلطانة الوردية المقدسة، طالبين أن تنال لنا نعمة النموّ في القداسة ونعمة أن نكون شهودًا فرحين أكثر فأكثر لقوّة الإنجيل، كي نحمل الشفاء والمصالحة والسلام لعالمنا هذا.   

 

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2017

 

 



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana